صعّد الشباب الجزائري الطامح للعيش في الضفة الأخرى، من محاولات إبحاره خلال الأسابيع الأخيرة عبر زوارق الموت، غير آبه بأرواح غرقت وتغرق يوميا بعدما فرّت من “الحقرة” واليأس ببلاد الشهداء.
شباب لقي مصرعه، لا لشيء إلا لأنه كان يحلم بتحسين ظروف المعيشية في أوروبا، ويقدم روحه قُربانا لهذا الحلم الذي أضحى كابوسا للعائلات، هذه الأخيرة التي لم تجد حلا غير الانتظار والاحتساب لله.
عشرات القوارب تخرج في جُنح ليالي الشتاء البارد، لا تهاب الأمواج،ولا حتى مراكز اللاجئين الموجودة على الضفة الأخيرة،والتي أصبحت مقبرة لـ “الحراقة” وسجنا في أحسن الأحوال،
ورغم ذلك يتمسك الشباب بـ “الحرقة” الي يراها حلا وكفى، فيظل حاول ويحاول الشباب ركوب “البوطي”،أملا في الوصول بسلام والهرب من “جحيم” يقول إنه يعيشه في بلده.
فالحرقة، ووفاة شباب في مقتبل العمر هنا وهناك في الشرق والغرب والعاصمة، تُخرج عائلات الضحايا والمفقودين من الحراقة إلى الشارع، ليطالبوا بأنباء عن أولادهم أو حتى جثثهم لدفنها، في موقف تقشعر له الأبدان،
وتُخرج أيضا شبابا وكهولا في وسط العاصمة منذ أيام من أجل المطالبة بوقف إزهاق الأرواح في عرض البحر،
فكانت شعارات غضب شديدة، وحزن على ملامح كل من خرج في ميسوني وشوارع العاصمة التي يحظر فيها الاحتجاجات والمظاهرات.
سنوات وسنوات لم تجد السلطات حلا لهذه المعضلة التي أصبحت ظاهرة تؤرق العائلات، بل تحسب لها البلدان الأوربية ألف حساب، وتحاول الضغط على دول الشمال الإفريقي من أجل وقف هذا النزوح البشري نحوها.
إلى أن يقتنع الشباب الجزائر بأن مكانه هنا ومهمته بناء وطنه، وإلى أن تقتنع اسلطات بأهمية العنصر البشري وخاصة الشباب،
تبقى ظاهرة “الحرقة” تنهش المجتمع الشبابي، وتلقي بظلالها على العائلات والمجتمع وحتى مستقبل البلاد.