في اعتقادي لمعرفة سر الفوضى القريبة من حالة الواقع المعاش في العاصمة الفرنسية.
علينا بوضع الفرضية التالية لو كانت مسيرات أصحاب السترات الصفراء منظمة وهادئة هل كانت السلطة الفرنسية تستجيب؟
العارف ببنية النظام الفرنسي لا يتأخر بالإجابة بالنفي. من هنا تتضح لنا أزمة النظام الفرنسي وكثير من بلدان العالم “الديمقراطي” التي بمجرد حصولها على الأغلبية تعتبر أن لها ضوء أخضر فتلخص الديمقراطية في الانتخابات وتعمل جاهدة على تطبيق برنامجها مهما كانت التحديات، وأي استجابة لمطلب يتنافى مع هذا البرنامج تعتبره ضعفا.
كان جواب رئيس الفرنسي السيد ماكرون على سبر الآراء الذي يبين انهيار شعبيته وتضامن الناس مع أصحاب السترات الصفراء “بيني وبينهم 5 سنوات التي اختارني فيها الشعب”.
هذا النوع من السلوك لا نجده في أمريكا أو اليابان مثلا سواء الرئيس أو البرلمان بغرفتيه ليست لهما هذه النظرة للانتخابات فتجدهم حساسين للرأي العام، فلو استطعت أن تجمع 10ألاف متظاهر تأكد أنك سوف تؤثر على السياسة الأمريكية و الشيءنفسه بالنسبة لليابان. ولهذا نادرا ما نشاهد عندهم هذا النوع من الاحتجاجات.
المتضررون من تراكم تعسف سياسات الحكومات الفرنسية يعرفون جيدا وبالتجربة أن السلطة ماضية في نهجها وسوف لن تلتفت لمطالبهم. الحل الوحيد هو خلق بلبلة حتى وإن أدت إلى حالات مؤسفة من العنف لعلها تجد أذان صاغية.
إن اختيار المحتجين لسترات صفراء التي أخذوا اسمها دون اللجوء إلى الأحزاب أو المنظمات النقابية تعني أن بنية النظام السياسي في فرنسا مهترئة ويتعين التفكير في إعادة هيكلتها من الأساس أما اللجوء إلى حلول ظرفية مجرد ترقيع والقادم سيكون أفظع.
محنة البلدان التي مازالت تئن تحت أنظمة استبدادية، سلطتها لها نفس رؤية الثقافة الفرنسية باعتبار أن الانتخابات عبارة عن مبايعة الحكومة على السمع والطاعة حتى لو أخذت مال الشعوب وضربت ظهورهم فهي لا تعطيهم رفاهية الاختيار الحر مثل فرنسا بل تزورها.
فبالله عليكم كيف تتوقعون احتجاجات الشباب في أوطان جيلها كفر بهذه المؤسسات التي لا تخدم إلا المستبد؟