عمالة الأطفال في الجزائر .. عار يؤرق المجتمع
ككل سنة، تحتفل الجزائر بالعيد العالمي للطفولة، الذي يصادف الفاتح جوان من كل سنة، لكن للأسف الشديد، نفس المشهد نعيشه كل فاتح جوان من خلال إقتصار هذه الإحتفالات على أطفال المدن الكبرى دون غيرهم في القرى والمداشر وحتى بعض الولايات المعزولة، هذا ما يعكس السياسة التي تنتهجها الدولة الجزائرية، خاصة الجهة الوصية التي تركز كل أنشطتها في هذا العيد بالعاصمة ووهران وقسنطينة وعنابة وتلمسان وغيرها من الحواضر الكبرى… في حين تبقى الشريحة الكبرى من أطفال الجزائر العميقة، لا تعلم حتى بوجود حدث يطلق عليه “عيد الطفولة” ، فرغم المجهودات التي تقوم بها الدولة في مجال حقوق الأطفال وخاصة للقضاء على عمالة الأطفال، إلا أن ما نشاهده يوميا في شوارعنا من صور لأطفال يستغلون أبشع إستغلال في الطرق وعلى الأرصفة وفي الحافلات وللتسول… دون الغوص في بعض الملفات السوداء مثل الإغتصاب والإختطاف والقتل، وغيرها من الجرائم البشعة التي باتت ترتكب في حق الطفل الجزائري خلال السنوات الأخير
يضطر الكثير من الأطفال إلى دخول عالم الشغل رغما عنهم، لعدة أسباب، أهمها الظروف الإجتماعية القاسية التي يعيشونها، كالفقر أو اليتم، ما يضطرهم لترك مقاعد الدراسة والتفكير في كيفية مساعدة عائلاتهم، أو مغادرتها عنوة بحثا عن الثراء السريع، بينما يستغل بعضهم ما يحصل عليه من دنانير قليلة في تعاطي الكحول وحتى المخدرات، ليدخلوا بذلك عالم الجريمة من أوسع أبوابه
وأظهرت دراسة أعدتها وزارة الصحة بالتنسيق مع وكالة الأمم المتحدة بالجزائر، أن 443 ألف طفل جزائري دون 15 سنة إضطرتهم الظروف الاجتماعية إلى العمل، ووفقا لنفس الدراسة أن 3 ,1 بالمائة من أطفال الجزائر يعملون في الورشات الخاصة، و3 ,2 بالمائة يمارسون نشاطا إقتصاديا خارج المنزل، و4, 2 بالمائة يعملون في نشاطات تجارية موازية من أجل تحسين دخل الأسرة، و8 بالمائة من أطفال الأرياف يساعدون ذويهم في أعمال الزراعة وتربية المواشي، لكن هذه الأرقام تبقى غير دقيقة عن أعداد الأطفال العاملين ويرجع ذلك إلى عدم وجود تعريف موحد لظاهرة عمالة الأطفال، إذ يرى البعض أن التحديد يقتصر على من يعمل من الأطفال نظير أجر بينما يرى البعض الآخر أنة يشمل من يعمل داخل نطاق الأسرة بدون أجر وهو الشائع عندنا في الأرياف والولايات الداخلية
أعرب رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الأطفال ” ندى ” عبد الرحمان عرعار، بمناسبة إحياء لليوم العالمي للطفولة، عن عزم الشبكة المساهمة في تقليص نسبة العنف ضد الأطفال إلى أقل من 40 بالمائة في آفاق سنة 2022، من خلال إعتماد برنامج عمل يتضمن عدة محاور من بينها نشاطات وقائية وحملات تحسيسية، داعيا في هذا الصدد إلى التعجيل بإصدار مراسيم القانون 15-12 المتعلق بحماية الطفل الصادر في 15 جويلية 2015 وإستحداث محاكم متخصصة للأطفال بالإضافة إلى تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية للأطفال، كما رافع من أجل إصلاح بعض القوانين بإدخال تعديلات عليها ” من أجل تمكين الأطفال من حقوقهم الدستورية ”، وإقترح في هذا الصدد تعديل قانون 2002 رقم 02- 09 المؤرخ في 08 ماي والخاص بحماية الأشخاص ذوي الإعاقة سعيا كما قال لتمكينهم من الحصول على منحة الإعاقة قبل بلوغهم سن ال 18 سنة، كما دعا إلى ضرورة إدخال تعديلات على مشروع قانون العمل الجديد لمنع أي إستغلال إقتصادي للأطفال في السوق الموازية
العربي سفيان